كيف تُصنَع الإشاعة في سوق الأسهم؟ من أول شرارة حتى تأثيرها على حركة السعر
في عالم التداول، لا تقل الإشاعات خطورة عن التلاعب المباشر، فهي قادرة على تحريك أسعار الأسهم بشكل جنوني خلال دقائق، وتسبب خسائر كبيرة للمتداولين الذين يتخذون قرارات عاطفية. لكن كيف تبدأ هذه الإشاعة؟ كيف تنتشر؟ وكيف تعرف أنها إشاعة أصلًا؟ دعنا نكشف لك القصة من الداخل.
1. من أين تبدأ الإشاعة؟
الإشاعة لا تظهر فجأة، بل غالبًا تأتي من أحد المصادر التالية:
• محلل وهمي أو صفحة مزيفة
تظهر حسابات مجهولة على منصات مثل X أو تيليجرام وتنشر “تسريبًا مهمًا” حول سهم معين دون أي دليل.
• صانع محتوى يبحث عن مشاهدات
بعض الأشخاص يضخمون أخبارًا ضعيفة أو يقتطعونها من سياقها بهدف تحقيق تفاعل أعلى، متجاهلين تأثيرها السلبي على القرّاء.
• شخص يملك كمية من السهم ويريد التصريف
في حالات معيّنة، يقوم البعض بنشر إشاعات إيجابية لجذب المشترين، ثم يبدأ بالبيع عند صعود السعر.
• تسريب مزيف يدّعي أنه من داخل الشركة
مثل “موظف سابق يقول إن الشركة تعمل على صفقة ضخمة”، وهو غالبًا كلام لا أساس له.
2. كيف تنتشر الإشاعة؟
بعد نشر أول شرارة، تبدأ رحلة الإشاعة نحو الانتشار:
• إعادة نشرها في مجموعات التداول
مجموعات الواتساب والتيليجرام تنقل الخبر بسرعة دون تحقق، ومع كل إعادة نشر يزداد عدد المصدقين.
• مشاركة المتداولين الجدد لها
المبتدئون غالبًا لا يفرّقون بين الخبر الحقيقي والمزيف، فينشرونه بدافع “تنبيه الآخرين”.
• وصولها إلى صفحات الأخبار الضعيفة
هناك مواقع تنقل أي شيء دون تدقيق، فتزيد قوة الإشاعة وانتشارها.
• ارتفاع غير مبرر في حجم التداول
مجرد رؤية حركة غير اعتيادية في السهم يجعل الآخرين يظنون أن الخبر حقيقي، مما يضخم تأثيره.
3. كيف يتفاعل المتداولون مع الإشاعة؟
الإشاعة تعتمد أولًا وأخيرًا على العاطفة، لذلك ردود الفعل تكون غالبًا:
• الخوف من فوات الفرصة (FOMO)
يتسارع الكثيرون للشراء خوفًا من ضياع “القطار”.
• قرارات سريعة بلا تحليل
لا أحد يريد أن يضيع “الصفقة الذهبية”، فيتصرفون قبل التفكير.
• انتشار حالة القطيع
عندما يرى المتداولون الآخرين يشترون، يبدأون بتقليدهم بدون أي أساس منطقي.
4. كيف تؤثر الإشاعة على حركة السعر؟
عندما تنتشر الإشاعة، يحدث السيناريو التالي:
• ارتفاع سريع ومفاجئ للسعر
بسبب كثافة الشراء الناتجة عن الضجة.
• صانع الإشاعة يبدأ بالبيع
هنا يحقق أرباحه بينما يظل المشترون الجدد عالقين.
• انعكاس قوي وانهيار في السعر
بعد انكشاف الحقيقة أو توقف الشراء، ينهار السهم مجددًا.
• خسائر المتداولين العاطفيين
الذين دخلوا في القمة وباعوا في القاع.
5. كيف تعرف أن الخبر إشاعة؟
هذه أهم الإشارات التي يجب أن تنتبه لها:
• لا يوجد مصدر رسمي
إذا لم يصدر الخبر من الشركة، أو جهة مالية موثوقة، فهو غالبًا إشاعة.
• صياغة الخبر مبهمة
مثل:
“مصدر موثوق يقول…”
“وصلتني معلومة مهمة…”
هذه عبارات بلا قيمة.
• انتشار نفس النص في عدة مجموعات
عادة يكون نسخًا ولصقًا من شخص واحد.
• الحركة لا تتوافق مع المنطق
ارتفاع ضخم بلا خبر رسمي = علامة خطر كبيرة.
6. كيف تحمي نفسك من الإشاعات؟
1. لا تتصرف قبل التحقق من المصدر.
تحقق دائمًا من موقع الشركة، هيئة السوق، أو منصة إخبارية موثوقة.
2. تجاهل الأخبار غير المؤكدة.
حتى لو بدت “مغرية”، فهي غالبًا مجرد طُعم.
3. لا تغامر بكامل رأس المال.
الإشاعات تستهدف من يدخل بكل رصيده.
4. راقب حجم التداول والسعر معًا.
التغيّر السريع بدون سبب حقيقي غالبًا مؤشر خطر.
5. درّب نفسك على مقاومة العاطفة.
أهم مهارة للمتداول الناجح هي التحكم في رد الفعل.
الخلاصة
الإشاعة في سوق الأسهم تبدأ بكلمة، وتنتشر بسرعة النار، لكنها غالبًا تنتهي بخسائر كبيرة لمن يصدقها.
حمايتك الحقيقية هي التحليل، التحقق، وعدم الاندفاع خلف الأخبار غير الموثوقة.
وكن دائمًا على يقين:
السوق يكافئ التفكير… ويعاقب التسرّع.
